بريد رجل مطارد الثيمة .. رسم الشخصيات ... الحوار

بريد رجل مطارد
الثيمة .. رسم الشخصيات ... الحوار
............................................................................
يشهد الادب العربي وبالتحديد الرواية العربية على ضوء ما يحيط بها من اوضاع سياسية واقتصادية وحروب وصراعات تكاد تكون الاسوء في تاريخها الحديث ادبا جديدا يحمل سمات (أدب الحرب) كون الرواية أكثر الأجناس الأدبية استجابة لاستثمار واستيحاء ثيمة «الحرب»، بالمفهوم الواسع لهذا اللفظ، أي كحدث وواقعة وكمرحلة تاريخية، وأيضا كرؤية وأبعاد ومخلفات ونتائج(1) . والثيمة يقصد بها ثيمة الفن هي ثيمة الحياة نفسها ) كما يقول لورانس داريل(2)
ومما لا شك فيه أن ما حدث في عراقنا بالتحديد من ويلات الحروب وتتابع الاحتلالات عليه انعكس على الكثير ممن يجيدون (صنعة كتابة الرواية ) وبالتحديد رواية الحرب كشكل ادبي تكون فيها الحرب المحور التي تدور فيه الاحداث مع ابعادها ونتائجها وتأثيرها .
........................
(بريد رجل مطارد) والتي جاءت بـ (414) صفحة من القطع المتوسط قياس (15.5سم×22.5 سم ).لمؤلفها عامر الفرحان والصادرة عن دار الابداع للطباعةوالنشر في صلاح الدين من بين الروايات التي صدرت حديثا وهي الرواية الاولى له بعد المجموعة القصصية (انتظار) تناول فيها الكاتب الحروب التي عصفت بالعراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم والى يومنا هذا كموضوع رئيس ، حيث تدور رحاها من خلال البطل ابراهيم سعدون الذي راح يكشف من خلال فترة خدمته كضابط عن الفساد المستشري في الجيش وما نجم بعد ذلك من خوض حرب غير متكافئة، انتهت باحتلاله من قبل قوات التحالف وبالتحديد (اميركا وبريطانيا) .
وحين انتهت الحرب وبدأت صفحة الاحتلال عاد البطل ليمارس عمله كناشط في حقوق الانسان متخذا من شهادة البكالوريوس في علم الاجتماع الحجة في توثيق ومتابعة أي انتهاكات يقوم بها المحتل ، الامر الذي كان مدعاة لأن يعتقل ويتعذب ويصبر ثم يعاود بعد اطلاق سراحه الى جمع كل ما يمكن جمعه من الصور والفيديوهات التي تدين الافعال الاجرامية ومن ثم يقوم بأرسالها الى الرأي العام العالمي عبر الوكالات والصحف الالكترونية وينجح في ذلك فتبدأ ملاحقته والبحث عنه من جديد ..
.................................
يقول (دايانا داو بتفاير) في كتابه (صنعة كتابة الرواية ) أن افضل طريقة لخلق الشخصية هو ان نبتكر شخصا بكامله ، اذن ، تكون أنت في موضع تبتكر سلوكا له لا يكون مقنعا حسب بل حتميا ، وان مهمة الروائي هي أن يرى ويقول بوضوح ما هم عليه الناس(3)
وهنا لابد أن نشير ونطابق شخصية ابراهيم سعدون على ذلك القول ونجد أن الروائي قد كان مصيبا الى حد ما في رسمه بعد ان استمد الشخصية من خلال الابتكار ومن خلال الافعال الوهمية المتخيلة وانه لم يستمدها بصورة مباشرة من الحياة .
وانه استطاع أيضا أن يوظف مقاصده كما يريد وفق قراءة متسلسلة وتسجيلية ناجحة ، وان يطور سياق الرواية وفق مواقف جديدة ومثيرة عبر مسيرة البطل التي انتهت بقتله .
...................................
اما الحوار الذي يصفه (انطوني ترولوب)(4)
( بأنه اكثر الاشياء قبولا في الرواية وانه كذلك طالما هو ينمو بطريقة ما الى سرد القصة الرئيسية ) وان ((على الشخصية أن تتفوه اكثر من اثنتي عشر كلمة في الزفير الواحد مالم يستطيع الكاتب أن يبرر لنفسه دفقا أطول للحديث بفعل خصوصية المناسبة )).
ورواية( بريد رجل مطارد) وما تحمله من رقم كبير في عدد صفحاتها وجدنا انها نحت منحى يتضاد مع المطلوب في بعض الاحيان والامثلة كثيرة ، وانه كان يجب أن يشذب الحوار ويوجهه الى ما هو ضروري فقط ، كما أن ذكر اسم البطل (باسمه ابراهيم ) في الرواية كان كثيرا جدا إذ وصل الى (349) مرة وانه كان باستطاعة الراوي ان يستبدله من خلال استخدام الضمائر (المنفصلة كضمير المتكلم ، انا او المخاطب انت ، او الغائب هو او الضمائر المتصلة بالاسم او بالفعل ) .
وعلى كل ما تقدم نعيد ونفصح أن الرواية في النهاية قد خضعت لقالب العناصر الاخرى (الحبكة ، والبنية من حيث وثاقة الصلة بالموضوع والتوازن ومسرحة الحالة والترقب ثم النهاية وان الراوي كان عليم بحال ابطاله ...............
نبارك الزميل الاعلامي والروائي عامر الفرحان ونتمنى لروايته النجاح
الهوامش
1) عبد الرحيم علام .رواية الحرب.. هل هي قدر الأدب العربيhttp://archive.aawsat.com/details.asp…
2) لورانس جورج داريل (باللغة الإنجليزية:Lawrence George Durrell) (مواليد: 1912 - وفيات: 1990) روائي بريطاني وشاعر وكاتب لأدب الرحلات. ولد في الهند واشتهر برباعيته عن الإسكندرية (جوستين _بلتازار_ ماونت أويف _ كليا) ووضعته هذه الرباعية في مصاف عمداء الأدب الإنجليزي الحديث من أمثال هنري ميلر وجيمس جويس.
3) جون ماسترز فن رسم الشخصيات كتاب صنعة كتابة الرواية .
4) (انطوني ترولوب 1815م ـ 1882) الكاتب والروائي الإنجليزي الذي اشتهر في القرن التاسع عشر

تعليقات