شيكاغو ..روايات متنوعة في رواية واحدة
تعرف الرواية
بأنها سرد نثري طويل تصف شخصيات خيالية واحداث على شكل قصص متسلسلة وهي
اكبر الاجناس القصصية من حيث الحجم وتعدد الشخصيات وتنوع الاحداث والبطل فيها شخصية محورية وله سمات كثيرة من بينها تعثره في الاحداث
لوجود تحدي أمامه يعترضه...
علاء الاسواني الروائي العربي العالمي في روايته شيكاغو
الصادرة عن دار الشروق عام 2007 جسد المفاهيم الاساسية للرواية ولكن بطرق جديدة
مبتكرة من بينها.
البطـــل :
ترتكز الرواية
على اربع شخصيات شبابية من المبعوثين
يمثلون الطبقة المصرية المتوسطة بنتاجها الطبيعي لواقع اجتماعي وسياسي مثقل بالفقر
والانحطاط والتطلعات ورغبتهم المتوهجة في
التغير, يقابلهم في الغربة مجموعة اساتذة مهاجرون من مصر بسب معتقداتهم الناتجة من
واقع تعاملوا معه بعد الحكم الجمهوري لمصر...
الشخصيات السبعة في الرواية تعد اهم الشخصيات في هذا
العمل وقد غلبت عليهم سمات البطل وهم كباقي الشخصيات في الحياة لها مخاوف ، و آمال، ونقاط ضعف، ونقاط قوة ،
ولها اهداف رئيسية وثانوية في الحياة .. وتوظيفهم
في الرواية تعد ابتكاراً للأسواني من خلال تعدد الابطال ووصف احداثهم على
شكل قصة متسلسله وفق مفهوم الحبكة النمطية القاضية بالتسلسل طبيعي في حدوث الازمة
ثم تصاعدها ومحاولة حلها ، ووفق الحبكة المركبة التي تبدأ الاحداث فيها من النهاية
ثم يتم استعراض الاحداث التي ادت اليها .. .. اي يبدأ الكاتب بالعقدة ثم يحاول
حلها ..
تعدد الموضوع
الموضوع في الرواية هو احساس القصة و الغرض منها، وبدون الهدف تصبح القصة عديمة الفائدة .
فالموضوع واعظ ويجب ان يكون له قيمة ....
وان الاحداث التي بنيت عليها الرواية
حولها هي لمجموعة من شباب الباحثين ورحلة غربتهم التعليمية في سبيل الحصول على
الشهادة العليا ، حيث يحملون معهم هموم
الوطن و هموهم الشخصية ثم ما تلبث حتى
تظهر هموم ومشاكل أخرى أثناء فترة الدراسة وفي ارقى الجامعات الامريكية لا تختلف
عن تلك التي تركوها . فيتعدد الموضوع
والغرض منه بسرد متماسك لا يقل في الأهمية عن الموضوع الاخر من حيث الاحداث
المتقاطعة و المتشابكة في الزمان والمكان .
الزمان والمكان غير ثابتين
اذا كان من المفترض وجود زمنان للرواية ، زمن العام الذي
تدور فيه الاحداث والزمن الخاص والذي يطلق عليه زمن الرواية كيوم محدد وما الى ذلك
...
فأن الزمن الذي دار في فلك الرواية لجيل المبعوثين
الشباب (طارق حبيب ابن حبيب مدير أمن القاهرة ، شيماء ابنة الاستاذ محمودي مدير
مدرسة طنطا الثانوية ، وأحمد دنانه المدعي والعميل الامني رئيس اتحاد الدراسين
المصرين في أمريكيا ، وناجي عبد الصمد الناشط السياسي الثوري )يقابله حاضر يتعلق
بجيل الاساتذة (، رأفت ثابت العنصري الكاره لمصر و المصرين ، محمد صلاح ، كرم دوس
الجراح القبطي). مع يقابله من خبرات وممارسات وتعارضات انسانية عصفت بالأبطال
السبعة تكاد تكون منفرده في التناول ومفتوحه على كل الأزمنة ،كما ان المكان الذي
يجب يكون وصفاً حياً لكي يتعايش القارئ مع الاحداث وكأنها حقيقيه ، كان بالفعل
حقيقياً إذ استطاع المؤلف ان يوظف تجربته الشخصية حين كان طالباً لنيل
الماجستير في طب الاسنان في جامعة الينوي في شيكاغو وقد اطلع اثناء الدراسة على
تاريخ المدينة منذ زمن الهنود الحمر في القرن السابع عشر ، الى زمن ناطحات السحاب ، وزمن التفرقة العنصرية
الامريكية البغيضة ضد السود .
واستطاع بتفرده لهذا العمل ان يوظفه، بطريقة مثيرة وفق
المقومات الفنية المعروفة للرواية .
انواع الرواية في رواية
للرواية انواع منها
( العاطفية ، البوليسية ، التاريخية ، السياسية ، الوطنية ، الواقعية،
علمية ، المتشردين ، التعليمية ، النفسية ، الجنسية ) .
واذا ما اردنا ان نشخص رواية شيكاغو على ضوء المسميات
الكثيرة للرواية فأننا سنجد امامنا رواية
قد اشتملت عليها جميعاً فالحب والجنس
قائم خلال البطلة شيماء مع طارق
بطريقة مثيرة للواقع .
في حين تاريخ شيكاغو منذ الهنود الحمر الى زمننا الحاضر
يلزمك لأنك تصف الرواية بانها تاريخية .
وما قام به احمد دنانة من اعطاء نتائج رياضية لعيانات جلدية دون الرجوع لحسابات علمية
طبية دقيقة مع تقديم عرض كامل لهذا الطب عبر سلسلة من المحاضرات والمؤتمرات التي
تقيمها جامعة شيكاغو ضمن احداث الرواية يلزمك ايضا ان تضعها ضمن مقايس الرواية
العلمية ، اما الاحداث البوليسية التي تفردت بها الرواية منذ بدايتها وحتى فشل
محاولة اهانة الرئيس المصري في امريكا يعطيك انطباعا جديدا انها بوليسية والامثلة
الاخرى على انها واقعية وسياسية فستجدها ماثلة امامك كقارئ من خلال البطل والناشط
السياسي ناجي عبد الصمد .
رواية شيكاغو لعلاء الاسواني استحوذت على كل انواع الروايات السالفة الذكر وانها تستحق
ان تكون متفردة في التناول وسبك الاحداث وفق مخيلة المؤلف التي لا حدود لها .
تعليقات
إرسال تعليق